نام في ليلته تلك نوما عميقا وكأنه لم ينم من قبل ..!
أشرق الصباح بنوره ولكن السماء مكتظة بالسحب
فلم تتسلل الشمس بخيوطها إلى عينيه وتوقظه كالعادة
أستيقظ من نفسه وصلى الفجر متأخراً ..
أشعل الموقد وبدأ بإعداد قهوته
وكان يطل من النافذة ويتأمل الغيوم
أنتهى من إعداد القهوة وبدأبـ إرتشافها
ولم يضع قطع سكر فيها بل تناولها مرة
تناول معها قطعة كعك أبتاعها قبل فترة
والتي تناثر فوقها حبات من السمسم المحمصة
لم يستمتع بها كعادته لـ أن فكره مشغول
بخذلان وشاحب وماذا يخبئون في معاطفهم من حكاية
بل ربما حكايات غامضة ..
بدل ملابسه على عجل وخرج متوجهاً نحو منزل شاحب
وفي سيره في الطريق القديم لم يشاهد أحداً ..!
كان الطريق خالياً وكانت السماء سوداءً
أسرع بخطاه قبل أن يبلله المطر وطرق باب شاحب بسرعه
لكنه وجده مفتوحا ولم يدخل بل حاول الإستئذان
وكان ينادي بشاحب وخذلان هل هناك أحد في المنزل ؟
ولم يجبه أحد .. أضطر أن يجلس على عتبة المنزل وينتظر عودتهم
فليس لديه شئ يفعله سوى إنتظارهم
كانت المنازل في هذا الحي مبينة من الحجر وأبوبها خشبية كبيرة
منقوشة باشكال هندسية متقنة الرسم وكانت ألوانها حمراء وبرتقالية
سافرت به أفكاره مع تلك النقوش ووصل لعالم الرسم والفن
تخيل نفسه ممسك بإدة حفروفرشاة ملونة ويزين أحد هذه الأبواب
صرخ فجاة .. يااااه أنها فكرة رائعة .. أستطيع أن اكسب قوت يومي منها
خاصة أن النقود التي معي بدأت تنفذ ..
وهو غارق في أفكاره جاء خذلان وهو يحمل كيساً ورقياً
وألقى عليه التحية سأله لما أنت قابع هنا؟
أخبره أنه هنا منذ وقت ليس بالقصير ينتظر عودتهم
وسأله خذلان لما لم تدخل المنزل وتستريح ؟
أجابه إغتراب لم أستطع أن أدخل وأهله غير موجودون
لم يعقب خذلان على كلامه بشئ سوى بتمتمته المعهودة والتي
لم يفك رموزها إغتراب بعد ..!
بدأ يخرج بعض الفاكهة والخبز من الكيس ويضعها بالثلاجة الصغيرة
وسأل إغتراب إذا كان جائعا أم لا..
أجاب إغتراب أنا جائع بالطبع لكن لا أريد أن أكل إلا في مطعم المدينة الساحر
وجوعي أيضا وتعطشي لـ أشياء أخرى ياخذلان تتعلق بك وبخالك
لست فضوليا ومتطفلا لكن أريد أن أعرف الكثير عنكم بما أنكم أصبحتم صحبة لي
ويقيني أنكم لم تقربوني منكم إلا بعد أن وثقتم بي اليس كذلك ياخذلان؟
قال نعم .. معك حق فيما تقول لكن ليست كل الأشياء لها تفسير
وليست كل حياتنا قابلة للبوح .. أنا وخالي شاحب عانينا الكثير
ووصل بنا الحال أن لانطلع أي مخلوق على حياتنا الخاصة
ليس لاننا نفعل أشياء مسيئة لكن وجدنا السعادة بالكتمان
وأنت ياإغتراب ربما حالك يشبهنا ووجد خالي شبابه فيك
لذا قربك منا وأستضافك في المنزل مرات عديدة
قاطعه إغتراب .. نعم .. لكن لاأستطيع التواجد مع أشخاص
يحيط بهم الغموض من كل جانب .. أعذرني خذلان أرجوك
سرعان ماقال خذلان أنني حزين جداً لـ أن خالي مضطر لمغادرة المدينة
وسأبقى لوحدي وستكون كل أعمال خالي مثقلة على كاهلي
لاأستطيع التوفيق بين الكتابة وبين أعمال خالي التي لاتنتهي
أرجوك إغتراب ساعدني .. وسأشرح لك مع الأيام كل الغموض الذي يحتوينا
المسألة مسألة وقت ليس إلا .. أرجوك لاتتخلى عني ..
إغتراب كعادته حنون وعاطفي سرعان ماقال لابأس
لكن يجب أن تخبرني ماعلاقتك بالفتاتين وما علاقة خالك بهما أيضا ؟
بدأ خذلان يتمتم كعادته لكن إغتراب لم يتمالك نفسه هذه المره
وبدأ يصرخ خذلان إن لم تجبني فـ سأرحل من هنا ولن تراني ثانية؟
هدأ من روعه وخذلان وقال الفتاتين هن أبنتي خالي ؟!
ذُهل إغتراب ولماذا لايعشن مع ابيهن؟ ولماذا ملابسهن رثة ؟
ولماذا الشفقة تعلو ملامحي عندما أشاهدهن؟
خالك يملك أملاكاً شتى لماذا لاينعمن بخيره ؟
قطع سيل أسئلته إجابة خذلان السبب
زوجة خالي فقد تركت هذا البيت منذو زمن وهربت ببناتها الى مدينة أخرى
وقد سئم خالي من البحث عنهم لكن دون جدوى ..
وبعد سنوات عدة وجدت أنا أبنة خالي الكبرى مصادفة تعمل بدار النشر
كي تؤمن مصروف المنزل والأكل لـ أمها وأختها
والأخرى لاتعمل فقد منعهتا والداتها من الخروج من المنزل
والداتهن قاسية جدا ومتسلطة جداً رغم أنها فقيرة
إلا أن الشر يتطاير من عينيها وهي تملك صوتاً لم أسمع
أعلى منه في حياتي فعندما تصرخ تهتز أعمدة المنزل
فهي لاتصرخ إلا بالخارج حفاظاً على منزلهن المتهالك
سأله إغتراب ومالذي يجبرهن على البقاء معها
مادام خالك يريد منهن العيش معه وتعويضهن عن سنوات الحرمان
قال خذلان لايجرؤن على إتخاذ قرار كهذا خوفاً من أن يفقدنها إلى الأبد
فهي مريضة بالقلب ولاتتحمل الصدمات
رد إغتراب سبحان الله أي قسوة تملكها وصحتها متدهورة
يـ إلهي من المؤكد أن خالك فعل فعلة شنيعة جعلها تنتقم منه وتحرمه من بناته!
أجاب خذلان .. ربما لكن لاأعلم مالذي فعله بالضبط
كل الذي أعلمه أنه يلتقي بهن هنا ويسألهن عن أحوالهن
ويحاول مساعدتهن لحياة أفضل بعيداً عن تدخل أمهن
كم أشفق على غربة ومنفى فهن لم يذقن طعم الراحة يوما
منذ أن كان عمرهن سنة وهن يتنقلن من مدينة لأخرى
وحينما وجدن والداهن لم يهنأن لـ أن أمهن علمت بذاك
ومنعتهن من زيارته ولم تكتفي بذلك بل جعلت شخصا
يراقب تحركات غربة وماأن تخرج من العمل يعود بها فورا الى المنزل
ولكن الحسنة الوحيدة أنها لاتعرفني ولاتعرف صلتي بهم
ولاأخفيك سفر خالي وغيابه هذه الفترة كي يبحث عن أوراق رسمية تثبت أنهن بناته
لأنها أخفت كل الإثباتات المتعلقة بذلك ونسبتهن الى أبيها
والأوراق التي أستلمتها منهن والتي ربطت بوشاح أخضر
هي أوراق فيها إثباتات قديمه لكنها غير مختومة
وتحتاج إلى تقصي وعودة إلى المدينة التي ولدتا فيها
أنه أمر مؤلم أب يُحرم من بناته وهوفي سن الستين
و للوجع بقية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق