أنقى من الغيمة

صورتي
Saudi Arabia
في زمن التلاشي غيماتي ممطرة.! كاتبة وأديبة سعودية.. أنثر حرفي في جريدة الرأي الكويتية أصدرت كتاب/مدائن الوجع كل ماأكتبه لي ولاأسمح بـإقتباسه.

19‏/07‏/2011

إغتـــــــــــــراب ( الجزء الثاني )



نام في ليلته تلك نوما عميقا وكأنه لم ينم من قبل ..!

أشرق الصباح بنوره ولكن السماء مكتظة بالسحب

فلم تتسلل الشمس بخيوطها إلى عينيه وتوقظه كالعادة

أستيقظ من نفسه وصلى الفجر متأخراً ..

أشعل الموقد وبدأ بإعداد قهوته

وكان يطل من النافذة ويتأمل الغيوم

أنتهى من إعداد القهوة وبدأبـ إرتشافها

ولم يضع قطع سكر فيها بل تناولها مرة

تناول معها قطعة كعك أبتاعها قبل فترة

والتي تناثر فوقها حبات من السمسم المحمصة

لم يستمتع بها كعادته لـ أن فكره مشغول

بخذلان وشاحب وماذا يخبئون في معاطفهم من حكاية

بل ربما حكايات غامضة ..

بدل ملابسه على عجل وخرج متوجهاً نحو منزل شاحب

وفي سيره في الطريق القديم لم يشاهد أحداً ..!

كان الطريق خالياً وكانت السماء سوداءً

أسرع بخطاه قبل أن يبلله المطر وطرق باب شاحب بسرعه

لكنه وجده مفتوحا ولم يدخل بل حاول الإستئذان

وكان ينادي بشاحب وخذلان هل هناك أحد في المنزل ؟

ولم يجبه أحد .. أضطر أن يجلس على عتبة المنزل وينتظر عودتهم

فليس لديه شئ يفعله سوى إنتظارهم

كانت المنازل في هذا الحي مبينة من الحجر وأبوبها خشبية كبيرة

منقوشة باشكال هندسية متقنة الرسم وكانت ألوانها حمراء وبرتقالية

سافرت به أفكاره مع تلك النقوش ووصل لعالم الرسم والفن

تخيل نفسه ممسك بإدة حفروفرشاة ملونة ويزين أحد هذه الأبواب

صرخ فجاة .. يااااه أنها فكرة رائعة .. أستطيع أن اكسب قوت يومي منها

خاصة أن النقود التي معي بدأت تنفذ ..

وهو غارق في أفكاره جاء خذلان وهو يحمل كيساً ورقياً

وألقى عليه التحية سأله لما أنت قابع هنا؟

أخبره أنه هنا منذ وقت ليس بالقصير ينتظر عودتهم

وسأله خذلان لما لم تدخل المنزل وتستريح ؟

أجابه إغتراب لم أستطع أن أدخل وأهله غير موجودون

لم يعقب خذلان على كلامه بشئ سوى بتمتمته المعهودة والتي

لم يفك رموزها إغتراب بعد ..!

بدأ يخرج بعض الفاكهة والخبز من الكيس ويضعها بالثلاجة الصغيرة

وسأل إغتراب إذا كان جائعا أم لا..

أجاب إغتراب أنا جائع بالطبع لكن لا أريد أن أكل إلا في مطعم المدينة الساحر

وجوعي أيضا وتعطشي لـ أشياء أخرى ياخذلان تتعلق بك وبخالك

لست فضوليا ومتطفلا لكن أريد أن أعرف الكثير عنكم بما أنكم أصبحتم صحبة لي

ويقيني أنكم لم تقربوني منكم إلا بعد أن وثقتم بي اليس كذلك ياخذلان؟

قال نعم .. معك حق فيما تقول لكن ليست كل الأشياء لها تفسير

وليست كل حياتنا قابلة للبوح .. أنا وخالي شاحب عانينا الكثير

ووصل بنا الحال أن لانطلع أي مخلوق على حياتنا الخاصة

ليس لاننا نفعل أشياء مسيئة لكن وجدنا السعادة بالكتمان

وأنت ياإغتراب ربما حالك يشبهنا ووجد خالي شبابه فيك

لذا قربك منا وأستضافك في المنزل مرات عديدة

قاطعه إغتراب .. نعم .. لكن لاأستطيع التواجد مع أشخاص

يحيط بهم الغموض من كل جانب .. أعذرني خذلان أرجوك

سرعان ماقال خذلان أنني حزين جداً لـ أن خالي مضطر لمغادرة المدينة

وسأبقى لوحدي وستكون كل أعمال خالي مثقلة على كاهلي

لاأستطيع التوفيق بين الكتابة وبين أعمال خالي التي لاتنتهي

أرجوك إغتراب ساعدني .. وسأشرح لك مع الأيام كل الغموض الذي يحتوينا

المسألة مسألة وقت ليس إلا .. أرجوك لاتتخلى عني ..

إغتراب كعادته حنون وعاطفي سرعان ماقال لابأس

لكن يجب أن تخبرني ماعلاقتك بالفتاتين وما علاقة خالك بهما أيضا ؟

بدأ خذلان يتمتم كعادته لكن إغتراب لم يتمالك نفسه هذه المره

وبدأ يصرخ خذلان إن لم تجبني فـ سأرحل من هنا ولن تراني ثانية؟

هدأ من روعه وخذلان وقال الفتاتين هن أبنتي خالي ؟!

ذُهل إغتراب ولماذا لايعشن مع ابيهن؟ ولماذا ملابسهن رثة ؟

ولماذا الشفقة تعلو ملامحي عندما أشاهدهن؟

خالك يملك أملاكاً شتى لماذا لاينعمن بخيره ؟

قطع سيل أسئلته إجابة خذلان السبب

زوجة خالي فقد تركت هذا البيت منذو زمن وهربت ببناتها الى مدينة أخرى

وقد سئم خالي من البحث عنهم لكن دون جدوى ..

وبعد سنوات عدة وجدت أنا أبنة خالي الكبرى مصادفة تعمل بدار النشر

كي تؤمن مصروف المنزل والأكل لـ أمها وأختها

والأخرى لاتعمل فقد منعهتا والداتها من الخروج من المنزل

والداتهن قاسية جدا ومتسلطة جداً رغم أنها فقيرة

إلا أن الشر يتطاير من عينيها وهي تملك صوتاً لم أسمع

أعلى منه في حياتي فعندما تصرخ تهتز أعمدة المنزل

فهي لاتصرخ إلا بالخارج حفاظاً على منزلهن المتهالك

سأله إغتراب ومالذي يجبرهن على البقاء معها

مادام خالك يريد منهن العيش معه وتعويضهن عن سنوات الحرمان

قال خذلان لايجرؤن على إتخاذ قرار كهذا خوفاً من أن يفقدنها إلى الأبد

فهي مريضة بالقلب ولاتتحمل الصدمات

رد إغتراب سبحان الله أي قسوة تملكها وصحتها متدهورة

يـ إلهي من المؤكد أن خالك فعل فعلة شنيعة جعلها تنتقم منه وتحرمه من بناته!

أجاب خذلان .. ربما لكن لاأعلم مالذي فعله بالضبط

كل الذي أعلمه أنه يلتقي بهن هنا ويسألهن عن أحوالهن

ويحاول مساعدتهن لحياة أفضل بعيداً عن تدخل أمهن

كم أشفق على غربة ومنفى فهن لم يذقن طعم الراحة يوما

منذ أن كان عمرهن سنة وهن يتنقلن من مدينة لأخرى

وحينما وجدن والداهن لم يهنأن لـ أن أمهن علمت بذاك

ومنعتهن من زيارته ولم تكتفي بذلك بل جعلت شخصا

يراقب تحركات غربة وماأن تخرج من العمل يعود بها فورا الى المنزل

ولكن الحسنة الوحيدة أنها لاتعرفني ولاتعرف صلتي بهم

ولاأخفيك سفر خالي وغيابه هذه الفترة كي يبحث عن أوراق رسمية تثبت أنهن بناته

لأنها أخفت كل الإثباتات المتعلقة بذلك ونسبتهن الى أبيها

والأوراق التي أستلمتها منهن والتي ربطت بوشاح أخضر

هي أوراق فيها إثباتات قديمه لكنها غير مختومة

وتحتاج إلى تقصي وعودة إلى المدينة التي ولدتا فيها

أنه أمر مؤلم أب يُحرم من بناته وهوفي سن الستين

و للوجع بقية ..

17‏/07‏/2011

إغتـــــــــــــراب ( الجزء الأول )



موجع جداً أن يسافر بك الألم إلى أراضي لم تألفها

موحشة بـ كل شئ تحتويه

من كائنات وجمادات

يعتصر روحك إغتراب جبرية الإقامه

لـ أنك لم تختار الإقامة بـ إرادتك

بل فرضت عليك وبوجع من ألمك الموغل في أعماقك

تبدو الأشياء من حولك مخيفه, باردة , باهتة

يكسوها لون الشحوب

ورمادية الإكتساء

تتطلع إلى السماء

علك تعانق أفق أرحب

لكن تصطدم بـ .... !

بـ الغيوم التى تكسو السماء عرضاً بلا إنتهــاء لـ أمدها

تشبعت تلك الغيوم بسواد يخالطه لون رمادي

لاتملك نوراً أو سنا برق يبشر بهطول قريب

ترجع بصرك مخنوقاً بعبرتك التى غصت بها حبالك الصوتيه

إلى الأسفل

حيث أشياء كثيره

تلمح أولها أرصفة باهت لونها

تتثاقل بخطاك سيراً إلى أزقة ضيقه

تحيط بها بيوت صغيره ليس لها أسقف !

تتملكك الدهشة لتقف متسائلاً

أين أسقفها ؟

وكيف يعيش سكانها؟

جميل أن عقلك لازال ينبض !

لايقطع سيل تساؤلاتك

سوى صوت طفل يسأل

من أنت ؟

ترمقه بعينك لتصيبك صفعة أخرى ... أقصد دهشة أخرى!

من منظره الغريب وزيه المريب

وتجيب بلا تفكيــر

أنا .......

أنا القادم إليكم ...

وتستطرد نفسك بتحويل سؤاله إليه

من أنت ؟

ليجيب بعد أن وضع يده على عينه

أنا المغترب وأسكن في أول منزل على اليسار

أشار إليه لك بيده من بعيد

لملمت نفسك ودهشتك تأسرك وفي جوفك وجل عظيم

لتستأذن منه بالذهاب لتكمل طريق سيرك

أزاح عن طريقك وهو ينظر إلى السماء

مشيت في ذاك الزقاق الموحش

الذي تلفه الوحشة من كل جانب

يإلهي منهك سيرك وخطاك إلى المجهول

علك تريح قليلاً في ذاك المقهى

الذي لمحته في زاوية من زوايا سيرك

تمنح نفسك نفساً عميقاً

وعيونك تسأل ولا إجابه

تسير إلى أن تصل إلى عتبات المقهى الخشبية

تصافح بعينيك الوجوه المنتشرة في المكان

تلقي بجسدك في زاوية تحتوي على مقعدين وطاوله

تتحسس المقعد خوفاً من أن ينهار بك

وتتفحص الطاولة بيدك وكيف لها أن تتحمل

أكواب القهوة وهي هشة الاعمده بالية الغطاء

رائحة القهوه تغريك بطلب كوب يصفع أحاسيسك

يتقدم النادل إليك مرحبا بلغة لاتفهمها

كل مافهمته إبتسامة عينيه

تطلب كوباً من القهوه ولاشئ سواه

ربما تتساءل في نفسك كيف فهم ماأريد ؟

ربما من إشارتك لصورة الكوب المعلقة على أحد جدران المقهى

تتجمد في مقعدك خوفاً أن ينهار وتتأمل في وجوه الجالسين

يتكلمون بلغات مختلفة أشياء تقلق مسمعك وأشياء لاتفهمها

تتجاهل كل ذلك مع وصول كوب القهوه

تشكر النادل بـ إبتسامة حزينه

وترتشف القهوة بوجل

كل شئ حولك يدعو للوجل

الأجواء ... البشر ... الحديث ,,, كل شئ ,, كل شئ

تنظر إلى كوب قهوتك ودخانها الكثيف وترتشفها بعجل

تريد أن تخرج من هذا المقهى بـ أسرع وقت ممكن

لكن النادل يقف فوق رأسك فجأة وبيده شئ مــا يناوله إياك

تنظر إليه وبدهشة ............

تنظر إليه وبدهشة وأنت صامت

لاحيلة لك سوى الصمت

أمام شخص لايفهم ماتقول

ناولك صحيفة ملونه

وكعادتك شكرته بـ إبتسامتك الحزينه

أطرقت رأسك أرضاً إلى الطاوله

وبدأت بتصفح تلك الصحيفة الملونه

أحتوت على رموزوصورلـ أشخاص

ربما إختزنت ذاكراتك ملامح أحدهم

لم تعر تلك الصورأي إهتمام

حاولت أن تقرأ تلك الخطوط المتشابكه

لكن دون جدوى

حاولت أن تمتع نفسك بـ الصور الملونه

وكأنك طفل في أول مراحل إكتشافه لـ الألوان

تعالت الأصوات من حولك

وبدأ أحدهم بالصراخ

لملمت نفسك للخروج من هذا المكان

وماأن نهضت من مقعدك

إلا والنادل يطلب منك قيمة فنجان القهوه

بـ فاتورة صنعت من جلد

كتب في أسفلها طلاسم غير مفهومه

كل مافهمته هو الرقم وهو قيمة كوب القهوه

ناولته النقود وخرجت

سرت خارج الدهاليز

لتصطدم

بـ ساحة في زواياهاغرف صنعت من خشب

هذه المره لها أسقف !

أبتسمت مستبشراً بتلك الغرف

لـ إنك منهك وتريد أن ترتاح

هرولت إليها

وماأن وصلت

حتى وجدت رجلاً يفترش بساطاً من خوص

يرتشف فنجان شاي أسود

ألقيت التحية عليه

ورفع قبعته لك بالرد

سألته عن هذه الغرف

أخبرك أنها للإيجار

طلبت منه أن يؤجرلك إحداهن

منحك المفتاح وأستلم منك النقود

جميل جداً أن روعك هدأ

لـ إنك وجدت من يتخاطب بلغتك

ووجدت مكاناً تستريح فيه

دخلت تلك الغرفة التي في أولها ممرخشبي

وأنتهيت بسرير صنع من الحديد

تلتحفه أغطية بيضاء

شعرت أنك تتنفس

خلعت حذاءك المتسخ من وحل الطرقات

وألقيت بنفسك برفق على السرير

خوفاً من أن يسقط بك

لاألومك فكل شئ في هذا العالم متهالك وقابل للسقوط

أتجه ناظرك للسقف

فالسقف قد سبب لك عقده

أيضاً لاألومك فأنت تريد أن تحتمي بسقف

في عالم أغلب مبانيه ليست مسقوفة !

تتأمل السقف وثقوبه

لكن لانور يخترقها

لـ أن السماء لازلت ملبدة بالغيوم

أغمضت عيينك علك تنعم بنومة هادئة

لكن سرعان مافزعت على

صوت عالي

أخترق مسامعك وخطف قلبك

أنه صوت ..........رعد قوي هز مسامعك

نهضت مسرعاً متوجها نحو الباب

هرولت مسرعاً إلى الخارج

لكنك لم تجد الرجل الذي أجرك الغرفه

كان فراشه موجوداُ وفنجان الشاي ملقى على الأرض

وأنت تتأمل الحال بدأت السماء تهل ماءها

يصاحبه رياح شديده

عدت مسرعاً إلى الغرفه وأغلقت الباب

أتجهت نحو السرير لكنك تفأجات أنه مبلل بالماء

أتجه ناظرك للسقف مباشره ورأيت الماء يتساقط منه وبشده

ليس بيدك شئ تفعله

جلست في زواية الغرفة والرياح يعلو صريرها

تفكر في الغرفة وكيف أنها ستصبح مستنقع بعد قليل من شدة المطر

وأنت غارق في تفكيرك طرق الباب طرقاً شديداً

شتت أفكارك ...

نهضت مسرعاً وفتحت الباب لتجد طفلاً

طلب منك الذهاب معه لـ أن غرفتك أغرقها المطر

لم تفكر بشئ وناولك قبعة لتلبسها

لبستها وذهبت معه

سرت معه في ممرات ضيقه وهو ممسك بيدك وبقوه

حتى وصل بك إلى منزل صغير

ما أن دخلت معه وأزحت القبعة عن راسك

حتى شاهدت الرجل الذي أجرك الغرفه

جالساً على كرسي خشبي وبيده فنجان شاي أسود

القيت التحية عليه وردها عليك بـ إشارة من يده !

جلست بجانبه والطفل يناولك فنجان شاي أسود

أخذته وشكرته

بسرعة خاطفه مر الطفل في مخليتك وأنك سبق وأن رأيته

نعم هو الطفل الذي سألك من أنت ؟

أعتصرتك علامات تعجب كثيرة

من هو وكيف وصل إلى هنا وماعلاقته بهذا الرجل ؟

قطع سيل تساؤلاتك إعتذار الرجل منك عن وضع الغرفة المزري وسقفها المتهالك

وأنه طلب منك الحضور إلى هنا خوفاً عليك من المطر الشديد

شكرته بـ إبتسامتك المعهودة الحزينه

كان الطفل جالساً أمامك وبيده أوراق وقلم

يتمتم بكلمات لاتفهمها ويده على عينه!

أكملت إرتشافك لفنجان الشاي الأسود

أستأذن الرجل منك ليخلد إلى النوم لـ أنه لديه أعمالاً مهمة

يجب أن ينجزها في الصباح الباكر

وطلب من الطفل أن يهتم بطلباتك

أقترب الطفل منك وسألك عن أسمك

وكعادتك قمت بتحويل السؤال إليه

أجابك أسمي ( خذلان الزمن ) !

تعجبت من أسمه كثيراًوقطع سيل إستغرابك بسؤاله عن أسمك

أجبته بـ إ غتـــــراب

سألته لماذا يخفي عينه بيده؟

سكت ولم يجيب وطلب منك تغيير الموضوع

أحترمت رغبته

ناولك ورقة من أوراقه وطلب منك أن تقرأها

قرأت كلاماً قاسياً عن الزمن وصروفه

تساءلت في نفسك كيف بطفل مثل هذا أن يكتب كلاماً قوياً ؟!

وبماذا كان يتمتم قبل قليل؟!

نظرت إليه وهو غارق يكتب في بحور أفكاره

ويده مازلت على عينه

شعرت أن النعاس بدأ يداعب جفونك

طلبت منه أن يخبرك أين تنام

أخذك إلى غرفته الصغيره

تـأملت ما تحتويه من أشياء

سريرين خشبيين وأريكة وصندوق خشبي صغير

أخبرك بأن تنام على السرير الأول

وناولك أغطية زرقاء اللون

شكرته وخرج منك مغلقاً النور

أستلقيت على السرير وتلحفت بالغطاء الأزرق

وداهمتك الأفكار والنوم بلغ منك حد الإغماء

أستسلمت للنوم مؤجلاً كل الأفكارإلى صباح مجهول

وأستقيظت على صوت الطفل وهو يتمتم كعادته

أعتذر منك لـ إزعاجه لك

لم تتكلم معه بشئ لـ إنك شبه نائم

ورحت في سبات عميق

زارتك أماني أحدهم في منامك

وأنها تحققت وهو محتفل بما نال منها

شاركته الفرح وأنت تنطق بـ إبتهالات البقاء ودوام الحال الجميل

أستيقظت على شعاع النور الذي داعب عينيك

صليت الفجر وبدأت تتلوإبتهالات الفرج من شقاءك

لم تجد الطفل في سريره يبدو أنه نهض باكراً لـ إنجاز عمل مـا

توجهت إلى الصالة ووجدته غارقاً في أوراقه

ألقيت عليه تحية الصباح

أبتسم لك ونهض متوجهاً نحو المطبخ

عاد وبسرعة وهو يحمل بين يديه صينية حديدية

أحتوت على فنجالين من القهوه وقطع من الشكولا

أحتسيت القهوه وتلذذت بطعم تلك الشكولا

سألته من أين مصدرها؟

أجابك بـ أن خاله أبتاعها من تاجر في الميناء !

تتالت أسئلتك له

خالك هو الرجل الذي يملك هذا المنزل ؟

أجاب بنعم

شعرت أنك أزعجته بـ أسئلتك في هذا الصباح الجميل

أكملت إحتساء قهوتك بصمت

طلب منك الخروج معه لـ أن لديه أعمالاً في دار النشر

ذهبت معه دون طرح أي أسئلة

تتأمل العابرين والمارين

تتأمل ملابسهم وأحذيتهم !

كل شئ في هذا المكان يدعو للغرابة

وأحياناً للذهول

وماأن وصلتما لدار النشر

حتى فوجئت بـ إستقبال جميل

فتح الباب الزجاجي وإنحناء رجل يقف أمام البوابة

الطفل يبتسم ويشكره بيده

توجه بك إلى غرفة المدير

أستقبله المدير وبحفاوة بالغة

وأنت لاتملك إلا مزيداً من علامات الدهشة التي عقدت في جبينك !

سأله المدير من تكون ؟

أجاب بـ إنك صديق لخاله

رحب بك المدير

وجلست في أريكة جميله

أحسست بشئ غريب يحدث

لكنك صامت وتتابع الحوار الذي دار بين الطفل والمدير

والذي أستهله المدير بـ سؤاله عن أخــر ماكتب

أجاب الطفل بـ أنه أنتهى من رواية *وجع الأيام*

أبتسم المدير إبتسامة رضى وطلب أن يطلع عليها

فتح الطفل ملفاً كان بحمله وأخرج مجموعة أوراق

ململمة بـ دبابيس ملونه..!

تناول المدير الأوراق وبدأ يتصفحها على عجل

وأنت تتأمل مايجري بصمت

نهض المدير من كرسيه على عجل متجهاً نحو الخزنة

فتحها وأخرج ظرف محكم الإغلاق

سلمه الطفل وهو يقول هذه دفعتك الأولى

ووقت إنتهاء طباعتها تستلم الدفعة الأخرى

أستلم الطفل الظرف ولم يعلق على كلام المدير بشئ يذكر

سلم على المدير وأستأذن منه بـ الإنصراف

خرجتما معاً متجهين نحو البوابة

كان الطفل صامت وممسك وبقوه بالظرف

أتجه إلى المصرف وطلب منك المكوث بـ الخارج

ألقيت بنفسك على كرسي إنتظاروأنت ترمق المارة وتتأمل أحوالهم

لم يمض وقت طويل إلا وخرج من المصرف وهو يتمتم

وما أن وصل إليك حتى سكت ..!

طلب منك الذهاب إلى المنزل لـ أنه لديه أعمالاً خاصة يريد أن يقوم بها

فكرت أن تذهب إلى تلك الغرفة التي أستأجرتها

ذهبت إلى هناك وقد داهمك النعاس

أستغرقت في نوم عميق وأستيقظت على نداءت جوعك

خرجت من الغرفه لتجد أمامك ذاك الرجل جالساً على فراشه

ويرتشف قدحاً من الشاي الأسود

وماأن شاهدك حتى أبتسم وسألك لماذا حضرت إلى هنا وتركت منزله؟

أخبرته بـ أنه لامفر له منك وقت حدوث المطر

أستأذنته بـ الإنصراف لـ أن الجوع لايسمح لك أن تتحدث أكثر معه توجهت إلى مطعم المدينة الزاخر بـ الأكلات الشهية

والتي تحتارفي إختيار أصنافه اللذيذه

وصلت للمطعم وجلست .. جاءك النادل مسرعاً وبيده قائمة الأطعمة

تناولتها وحددت لك طبقاً من السلطة وقطعاً من الدجاج المشوي

وعصيراً طازجاً ... جميل مازلت تحافظ على صحتك وتهتم بـ نوعية طعامك

أستلم النادل طلبك وأنصرف.. وسرحت بـ أفكارك ..

وكان نظرك موجهاً نحوبوابة المطعم

دخل الطفل ومعه فتاتين متلحفات بمعاطف سوداء ..!

وماأن شاهدك حتى تغيرت ملامحه ...

أكمل سيره بـ إتجاه أخر المطعم وتناول الكرسي وجلس

جلستا الفتاتين بجانبه وأخرجت أحدهن دفتراً أبيض وقلماً ذهبي اللون

وأخذت تكتب ..

رمقته بنظرة وأنت تتناول طعامك وعلى عجل ..

لم يكترث لتلكـ النظرات ..! وكان منهمك الحديث مع الفتاتين

أنتهيت من طعامك ودفعت فاتورة الحساب وخرجت ..

تفكر أين تذهب فالجو جميل ومغري بالتنزه

مازال عقلك يفكر بأمر الفتاتين وماعلاقتهما بخذلان الزمن؟

قطع حبل أفكارك صراخ طفل دفعته عربة حصان مسرعه

أسرعت نحوه وحملته بين يديك لتضعه على كرسي خشبي كان بالجوار

وتبعه صراخ إمراة هل حدث لـ أبني مكروه؟

أجبتها لا .. لم يحدث ..الحمدلله

شكرتك لجميل صنعك وقررت أن تكافئك بأخذ جولة على

تلك الحديقة المقابلة وأن تشتري لك الذرة الحاره

هم يفعلون هكذا عند شكرهم ..!

أعتذرت منها لـ إنك على عجل من أمرك وأستأذنتك بمعرفة أسمك وعنوانك ..!

أجبتها بـ إغتراب وعنواني طرق الألم الشتى ..!

قبلت ذاك الطفل الجميل ومضيت نحو الأمام

لوح لك مودعاً بيديه الصغيرتين

سارت بك قدماك نحو السوق القديم

يمتلكك حنين عارم لذاك السوق

لاتعلم ماسره ..!

أتجهت نحو بائع القبعات فعقلك يحدثك بقبعة من خوص لونها عشبي ..!

وسرعان ماوجدتها أمامكـ وكأنها تنتظرك..!

حدثك قلبك لو أن السعادة طلبتها وتحققت لك الآن كما

هو الحال مع تلك القبعة التعيسه ..!

لاتلم قلبك بـ أن وصفها بـ التعيسه .. كيف لا وهي سترافقك

في رحلة ألمك الشاقه

تناولت تلك القبعه ودفعت ثمنها ومضيت نحو الأمام تتجول بناظريك

في أنحاء السوق المترامية

مسك بيدك شئ ما وسمعت صوت ضحكة طفل

ألتفت لتجده ذاك الطفل الذي أسعفته عند الحديقه

أبتسمت وحملته عالياً وأنت تقول أعرف أنك بخير مادمت وصلت هنا

ضحكت أمه وهي تتمتم بعبارات الشكر والإمتنان لك

وكعادتك شكرتها بـ إبتسامتك المعهوده

دعتك لتناول كوب من الشاي وقطع من الكعك

قبلت دعوتها وأنتهى بكم الطريق إلى قهوة السوق

كانت مكتظة بالزائرين والعابرين والمتسوقين

تناولت أقرب كرسي وجلست وجلست المرأة أمامك وطفلها ممسك بيدك

جاء النادل وأخذ الطلبات وبغضون دقائق عاد وهو يحمل أكواب الشاي

وقطع الكعك المحمصة

تناولت الشاي وأنت كعادتك غارق بـ الأفكار التى لاتنتهي

بدأت المرأة تتحدث مع طفلها كي تلفت إنتباهك

شعرت بالخجل وسرعان ماسألت المرأة عن أسمها

أجابت بـ غيمه ..!

وطفلك .. شامخ ..!

نال إستحسانك إجابتها السريعه وأكملت تناول الشاي وقطع الكعك

بدأ المساء يحل وأصوات رواد القهوه تتعالى

أصبت بصداع خفيف وطلبت منها المغادره

ودعتها عند مخرج السوق ولم تحدد لقاء يجمعك بها وبطفلها

ذهبت إلى غرفتك وفي طريقك إلى هناك

شاهدت خذلان الزمن ومعه خيل رمادي اللون

تجاهلت وجوده تماماً أمامك وأكملت مسيرك نحو الغرفه

لحق بك خذلان وطلب منك الذهاب معه للبيت لـ أمر هام

رفضت بحجة أنك متعب وتريد النوم

لكنه ألح عليك وأن خاله يمر بمشكلة ولابد أن تحضر لتسهم بحلها

مضيت الطريق ومعك خذلان وخيله ولم تتحدث معه عن شئ

وصلتما المنزل وكانت المفأجاة ..!

الفتاتين بمعاطفهن السوداء جالسات على عتبة المنزل

دهشت من المفأجاة ولم تتكلم ..

ودخلت إلى المنزل وقد تناولت قبعتك ووضعتها على الطاولة ..

حيث يجلس خال خذلان ( أود أن أخبركم بأسمه أنه يدعى شاحب !)

سألته على عجل مالخطب ؟ كان الرجل العجوز يتمتم وعينيه صوب النافذه ...

أجاب بصوت مخنوق .. يجب أن أرحل من المدينه ! ولاتسألني مالسبب ؟

تناول إغتراب كرسي وجلس وقال .. أرحل ومالمشكله في رحيلك؟

رد شاحب بنبرة عالية .. الخطب جسيم ووصفه أليم ..!

علت ملامح إغتراب الدهشه وأمتلأت عينيه بالذهول وسكت ..!

قطع الصمت صوت خذلان وهو يودع الفتاتين

وقد أستلم منهما حزمة أوراق مربوطة بوشاح أخضر ..!

وأغلق الباب وأتجه نحو الطاولة وتناول كرسي وجلس ..

لم يمنع إغتراب عينيه من التحديق بتلك الأوراق التي كانت بيد خذلان

ولم يعر خذلان نظرات إغتراب إهتماماً ..

ومازال شاحب متسمر أمام النافذة ويتمتم ..!

تساءل إغتراب في نفسه مالذي يحدث ؟

ولماذا لايريدونني أن أعرف شيئاً عنهم ؟

ولماذا عالمهم يكسوه الغموض ؟ والسواد ؟

ولماذا ؟ ولماذا؟

ومازال الصمت يلف المكان وكأن خيبة أصابت ساكينه ..

وبعد وقت ليس بالقصير أستأذن شاحب وذهب

إلى غرفته وبقي إغتراب في ذهوله غارقاَ ...

وخذلان ممسكاً بالورق ويفكر بصوت مسموع ..!

نهض إغتراب متوجهاً نحو الباب ومودعاً لخذلان

الذي لم ينطق بكلمه وأكتفى برفع يده ملوحاً ..!

خرج إغتراب وهو يسير بخطى متثاقله

وقد صفعته الحيرة وأدمت ملامحه ..!

توجه نحو الحي القديم حيث توجد غرفته المتهالكه ..

وهو في طريقه أشترى فاكهة ..!

وصل إلى غرفته وقد أنهكه التعب وتناول بعضاً من الفاكهه

وأستسلم لنوم عميق دون أن يفكر بماذا سيحدث في الغد لشاحب وخذلان ..!

و للوجع بقية ..



01‏/07‏/2011

ونة خفوق...!



ارق... اجتاحني ذات مساء

حرم على جفني المنام

ذلك المنام الذي استجديه عطفا ان يزورني...!

لم يكن هناك حل سوى شتات حروف متناثرة

التقطتها من ذاكرتي المثخنة بالوجع

لم انثرها على بعثرة اوراقي المعتادة

وانما سكبتها على روحي التي تئن

فهي موجوعة ومثقلة بهموم شتى

لا يسع للفؤاد ان يدق بها فقد اثقلت نبضاته

ما اصعب ان تتحول اوجاعك الى صندوق

رمادي يركن في زاوية عقلك ومع كل

نسمة هواء يتأرجح...!

وبألم شديد بدأت تُهذي مواجعي

وكأن حمى اجتاحتها ولم اعد اسمع إلا انينها

ولم يرافقني وقتها سوى سمفونية ذلك الشاعر المبدع

خالد الفيصل الذي يقول في ابياته...

وش يصير اذا تضاحك ظاهري

دام بعض النفس يجرح ذاتها

اعرف العبرات من غير الدموع

واعرف الونات دون اهاتها

واعرف الآلام من دون المرض

وانكسار الفرحة بدمعاتها

هذي الدنيا وهذي حالها

وهذي ايامي وذي عاداتها