أنقى من الغيمة

صورتي
Saudi Arabia
في زمن التلاشي غيماتي ممطرة.! كاتبة وأديبة سعودية.. أنثر حرفي في جريدة الرأي الكويتية أصدرت كتاب/مدائن الوجع كل ماأكتبه لي ولاأسمح بـإقتباسه.

22‏/11‏/2013

ثرثرة تقنية

الإنسان «بطبعه» كي يتعايش مع الآخرين ومع معطيات الحياة يحتاج أن يتحدث ويفضفض، ويشارك الآخرين همومه، وهذا حق مشروع وشيء صحي وإيجابي، كي تسير الحياة بمرها وحلوها على ما يرام.
لكن عندما تتحول الثرثرة إلى ثقافة بائسة لا تجدي نفعاً، هنا تكمن المشكلة، والتي تعاظمت في الفترة الأخيرة في ظل تطور وسائل التواصل والتقنيات الحديثة حتى أصبحت الثرثرة بين الأشخاص ثرثرة تقنية عاصفة. تعصف بكل شيء بالقلوب والأسرار والمواقف والتجارب والخبرات ونشر إشاعات وخلق قصص وأحداث غير موجودة في الواقع! وجدل وصراع وسب وشتم وتطاول وازدواجية وانفصام في الشخصية وأشياء لا تُحصى.
بل البعض وصل بهم الحال إلى التناقض والتذبذب بين الحياة التي يعيشونها واقعاً وبين ما يتعاطونه ويطرحونه في وسائل التواصل ولا يفرقون بين جده وهزله ومصداقيته من عدمها. متذبذبون في آرائهم وطروحاتهم .. عقولهم مؤجرة وقلوبهم مريضة! يميلون مع مصالحهم توجههم أنانيتهم وأحقادهم.
التقنية لم تعد شيئاً هامشياً أو ترفاً أو وسيلة تسلية فقط كما كانت في السابق، بل هي الآن تأخذ الحيز الأكبر من حياتنا كباراً وصغاراً وقد توجهنا نحو ما تُريد! لكن يجب أن نصمد تجاه عواصفها وننظر لها بعين الناقد الفاحص الذي يستطيع التمييز بين الغث والسمين وأن نتعلم كيف نُحسن استخدامها، ونطورذواتنا من خلالها وننهض بأمتنا وأوطاننا من عبر التعامل معها واكتساب الخبرات من المبدعين وأصحاب التجارب المميزة والناجحة في المجالات كافة، وتبادل الثقافات وحل المشكلات والتعاون معاً في الأزمات، ونحول تلك الثرثرة إلى ثقافة إيجابية نستفيد منها في حياتنا وتعاملاتنا.
متى يُدرك الأشخاص الذين لاتتوقف ألسنتهم عن الثرثرة أن ثرثرتهم عن كل شيء وبكل شيء لا تزيد من قيمتهم الاجتماعية؟! بل تُنقص من قدرهم وقد تُذهب حسناتهم. وما أجمل الكلام حينما يكون بدراية وحكمة، ولا أجمل منه إلا الصمت حينما يكون بعقل وترفع.
لندرك جميعاً أن هناك أموراً تُحكى للناس وهناك أمور لا تُشكى إلا لرب الناس، فلنسعَ أن نرتقي بثقافة الشكوى لا أن نهوي بها لقاع سحيق تسكنه أشباح الظنون والفرقة والاختلاف.


http://alroeya.ae/2013/11/16/102615

ليست هناك تعليقات: